الخميس، ديسمبر 18، 2008

علامات المحبة لله

من كلام ابن القيم ((مدارج السالكين))

فالله تعالى إنما خلق الخلق لعبادته الجامعة لكمال محبته مع الخضوع له والإنقياد لأمره
فأصل العبادة محبة الله بل إفراده بالمحبة وأن يكون الحب كله لله فلا يحب معه سواه وإنما يحب لأجله وفيه كما يحب أنبياءه ورسله وملائكته وأولياءه فمحبتنا لهم من تمام محبته وليست محبةً معه كمحبة من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحبه
وإذا كانت المحبة له هي حقيقة عبوديته وسرها
فهي إنما تتحقق باتباع أمره واجتناب نهيه
فعند اتباع الأمر واجتناب النهي تتبين حقيقة العبودية والمحبة
ولهذا جعل تعالى اتباع رسوله علما عليها وشاهدا لمن ادعاها فقال تعالى ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله))سورة آل عمران
فجعل اتباع رسوله مشروطا بمحبتهم لله وشرطا لمحبة الله لهم
ووجود المشروط ممتنع بدون وجود شرطه وتحققه بتحققه
فعلم انتفاء المحبة عند انتفاء المتابعة
فانتفاء محبتهم لله لازم لانتفاء المتابعة لرسوله
وانتفاء المتابعة ملزوم لإنتفاء محبة الله لهم
فيستحيل إذا ثبوت محبتهم لله وثبوت محبة الله لهم بدون المتابعة لرسوله
ودل على أن متابعة الرسول هي حب الله ورسوله وطاعة أمره
ولا يكفي ذلك في العبودية حتى يكون الله ورسوله أحب إلى العبد مما سواهما
فلا يكون عنده شيء أحب إليه من الله ورسوله
ومتى كان عنده شيء أحب إليه منهما فهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله لصاحبه ألبتة ولا يهديه الله
قال الله تعالى(( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين))سورة التوبة